العلاج الجيني لأمراض الشبكية، تخيل أن يتمكن طفل ولد برؤية ضعيفة جدا من رؤية النجوم لأول مرة أو أن يتم إيقاف التدهور التدريجي للبصر لدى شخص مصاب بمرض وراثي في الشبكية، هذا لم يعد خيالا علميا بل أصبح حقيقة واعدة بسبب ثورة طبية مذهلة تعرف باسم العلاج الجيني لأمراض الشبكية.
العلاج الجيني لأمراض الشبكية
في مركز الدكتور محمد حنتيره للعيون بجدة نحن في طليعة المتبنين والمتابعين لأحدث ما توصل إليه علم طب العيون، ندرك حجم الأمل الذي يمثله هذا التقدم، خاصة للعائلات التي تواجه تحدي أمراض الشبكية الوراثية، في هذا المقال الشامل، سنشرح العلاج الجيني لأمراض الشبكية.
أمراض الشبكية الوراثية
قوة العلاج الجيني لأمراض الشبكية، يجب معرفة طبيعة المشكلة التي يعالجها، أمراض الشبكية الوراثية هي مجموعة من الحالات النادرة التي تسبب تلفا تدريجيا في خلايا الشبكية بسبب وجود خلل أو طفرة في جين معين، الجينات هي بمثابة كتيب التعليمات الذي يخبر خلايا أجسامنا كيف تعمل، عندما يكون هناك خطأ في هذا الكتيب، فإن الخلية لا تستطيع أداء وظيفتها بشكل صحيح.
في شبكية العين، هذا الخلل الجيني يمنع خلايا المستقبلات الضوئية من العمل بكفاءة، مما يؤدي إلى تدهور تدريجي في الرؤية قد ينتهي بالعمى، من أشهر هذه الأمراض:
- التهاب الشبكية الصباغي: يسبب رؤية نفقية وعمى ليلي.
- داء ليبر الخلقي: يسبب ضعفا شديدا في البصر منذ الولادة.
- عمى الألوان الكامل: عدم القدرة على رؤية الألوان.
لسنوات طويلة، لم يكن هناك علاج فعال لهذه الحالات، لكن اليوم، يقدم العلاج الجيني لاعتلال الشبكية أملا حقيقيا.

ما هو العلاج الجيني لأمراض الشبكية وكيف يعمل؟
العلاج الجيني لأمراض الشبكية هو نهج طبي مبتكر يهدف إلى علاج المرض من جذوره، أي على المستوى الجيني، الفكرة الأساسية بسيطة بشكل مدهش: إذا كان المرض ناتجا عن جين معيب، فلماذا لا نقوم بتصحيحه أو تزويد الخلية بنسخة سليمة من هذا الجين؟
هذا هو بالضبط ما يفعله العلاج الجيني لضمور الشبكية، يتم ذلك من خلال عملية دقيقة:
1. تحديد الجين المعيب
الخطوة الأولى هي التشخيص الجيني الدقيق لتحديد الجين المحدد الذي تسبب في المرض، هناك مئات الجينات المختلفة التي يمكن أن تسبب أمراض الشبكية، وكل علاج جيني مصمم ليستهدف جينا واحدا فقط.
2. إعداد الناقل
لا يمكن حقن الجين السليم مباشرة في الخلية، لذلك، يستخدم العلماء ناقلا لتوصيله، الناقل الأكثر استخداما وفعالية هو فيروس تم تعديله وراثيا في المختبر، حيث يتم إفراغه من مادته الفيروسية المسببة للمرض واستبدالها بنسخة سليمة من الجين البشري المطلوب، يصبح هذا الفيروس مجرد مركبة توصيل آمنة.
3. عملية الحقن الدقيقة
يتم إجراء عملية جراحية دقيقة للعين تسمى استئصال الجسم الزجاجي، ومن خلالها يقوم جراح الشبكية بحقن كمية صغيرة جدا من السائل الذي يحتوي على ملايين النسخ من هذا الفيروس المعدل مباشرة تحت شبكية العين.
4. تصحيح الخلل
بمجرد الحقن، يقوم الفيروس بإصابة خلايا الشبكية المريضة وتوصيل نسخته السليمة من الجين، تبدأ الخلية بعد ذلك في استخدام هذا كتيب التعليمات الجديد والصحيح لإنتاج البروتين الذي كانت تفتقده، مما يعيد إليها وظيفتها ويوقف تطور المرض، يعتبر علاج العمى الوراثي بالعلاج الجيني بهذه الطريقة من أبرز التقنيات الحديثة في علاج الشبكية.
أول علاج جيني معتمد للعين
شهد عام 2017 حدثا تاريخيا بموافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على أول علاج جيني لأمراض الشبكية على الإطلاق، والذي يحمل الاسم التجاري لوکستورنا.
هذا العلاج مصمم خصيصا للمرضى الذين يعانون من ضمور الشبكية الناتج عن طفرة في كلتا نسختي جين يسمى RPE65، هذا الجين مسؤول عن إنتاج بروتين ضروري لإعادة تدوير فيتامين أ داخل الشبكية، وهي عملية حيوية لدورة الإبصار.
أظهرت التجارب السريرية نتائج مذهلة، حيث شهد المرضى، وخاصة الأطفال، تحسنا كبيرا في قدرتهم على الرؤية في الإضاءة الخافتة والتنقل في محيطهم، هذا النجاح الباهر فتح الباب على مصراعيه أمام أبحاث العلاج الجيني للعين لعلاج أمراض أخرى.
مستقبل العلاج الجيني لأمراض العيون
نجاح لوکستورنا ليس سوى البداية، يعمل العلماء والباحثون في جميع أنحاء العالم بجد لتطوير علاجات جينية لأمراض شبكية وراثية أخرى.
العلاج الجيني لمرض التهاب الشبكية الصباغي وأمراض أخرى
هناك العديد من التجارب السريرية الجارية حاليا والتي تستهدف الجينات المسببة لأشكال مختلفة من التهاب الشبكية الصباغي، ومرض شتارغاردت، ومتلازمة آشر، وعمى الألوان الكامل، كل نجاح في هذه التجارب يقربنا خطوة من مستقبل يصبح فيه العمى الوراثي شيئا من الماضي، إن مستقبل العلاج الجيني لأمراض العيون يبدو مشرقا جدا.
هل يمكن استخدامه للأمراض الشائعة؟
الأبحاث لا تقتصر على الأمراض النادرة، يدرس العلماء أيضا إمكانية استخدام العلاج الجيني لعلاج أمراض أكثر شيوعا مثل الضمور البقعي المرتبط بالعمر واعتلال الشبكية السكري، وذلك عن طريق توصيل جينات تنتج بروتينات وقائية أو تمنع نمو الأوعية الدموية الضارة.
من هو المرشح للعلاج الجيني وما هي التحديات؟
العلاج الجيني لأمراض الشبكية ليس مناسبا للجميع، المرشح المثالي يجب أن يستوفي شروطا دقيقة:
- تشخيص جيني مؤكد: يجب تحديد الطفرة الجينية المسببة للمرض بدقة.
- وجود خلايا شبكية حية: يجب أن يظل هناك عدد كاف من خلايا الشبكية الحية التي يمكن إنقاذها، إذا كان المرض قد وصل إلى مرحلة متقدمة جدا وتلفت معظم الخلايا، فقد لا يكون العلاج فعالا، لهذا السبب، يعتبر التشخيص والعلاج المبكر أمرا حيويا.
- توافر العلاج: حاليا، العلاج المعتمد يستهدف جينا واحدا فقط.
أكبر تحد يواجه العلاج الجيني لأمراض الشبكية هو تكلفة العلاج الجيني للعين الباهظة جدا، والتي تصل إلى مئات الآلاف من الدولارات، مما يجعله بعيدا عن متناول الكثيرين حاليا، كما أن إيجاد مراكز العلاج الجيني للشبكية المتخصصة والمجهزة لإجراء هذه العملية الدقيقة لا يزال محدودا في عدد قليل من دول العالم.
هل تبحث عن خيارات متقدمة لعلاج مشاكل العيون؟ تعرف على خدماتنا في عيادة د. حنتيرة للعيون بجدة حيث نوفر أحدث التقنيات مثل تشخيص وعلاج جفاف العين لمساعدتك على استعادة رؤيتك بأمان وفعالية.
Leave A Comment